الإسلام وحقوق المرأة
حقوق المرأة عبر التاريخ:
الدين الإسلامي الحنيف، يعد أكثر الأديان والأنظمة القانونية تكريمًا للمرأة على الإطلاق، فقد نزلت أحكام الإسلامية مشتمله على حقوق إنسانية ومكانة خاصة للمرأة لم تعرفها أي مجتمعات أو أمم أو حضارات سابقة. حيث عانت المرأة على مر العصور والأزمنة أشكل ونماذج من الظلم والتمييز، والذي كان يعتبر وضع عادى ومقبول لدى البشر في تلك الأزمنة على مستوى العالم، فأقر الإسلام للمرأة مكانه راقية وحقوقها غير مسبوقة تظهر مدي الاحترام والتقدير الذي تستحقه المرأة في المجتمع وبما يضمن لها العيش الكريم. فإسلام يثبت أنه الأكثر صونًا لحياة المرأة وحقوقها ومصالحها في جوٍ من التكامل والتعايش الإيجابي في المجتمع، بعيدًا عن الصراع المفتعل الذي لا طائل منه سوى إفساد دنياها وآخرتها.
ومن الثابت تاريخيا أن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة على وجه الخصوص هي حقوق حديثة العهد بالنسبة للشعوب الأوروبية، في حين أن المسلمون قد عرفوا وسبقوا كافة الشعوب الأوروبية في تبني وتطبيق حقوق الإنسان والمرأة قبل أربعة عشر قرنا مضت وبالتحديد في القرن السادس الميلادي، في حيث لم تبدأ الشعوب الأوروبية في التفكير والسعي لإقرار حقوق مماثلة للإنسان بشكل عام وللمرأة بشكل خاص إلا منذ القرن السابع عشر وما بعده.
وفي الفترة التي امتدت من حوالي القرن الخامس الميلادي وحتى القرن الخامس عشر تقريبًا، وهو ما كان يسمي بالعصور المظلمة كانت هذه مظلمة للحد الذي جعل المرأة كائنًا من الدرجة الثانية، ومل يكن مسموح لها في معظم الأحيان أن تدخل المجال السياسي وكانت المجتمعات الأوروبية تنظر للمرأة إلى بنظرة النقص بسبب اعتقادهم بأنّها أغوت آدم عليه السلام بأكل التفاحة. وكانت المرأة غير قادرة على التحكم بأي من أملاكها من دون موافقة زوجها موافقة خطية. حتى إن أرادت أن تشتري أو تبيع أي شيئًا فلا يصح العقد إلا بحضور زوجها وموافقته. وكان للزوج الحق بالانتفاع بمال الزوجة حتى وإن كان لا يملك ذلك إلا أنه كان للرجل الحق في التصرف في أملاك المرأة كونه القائم عليها والوصي.
حقوق المرأة في العصر الحديث
في أوائل القرن العشرين فقط، أقرت إنجلترا حق المرأة في الحصول على
حقوق مساوية لحقوق الرجال، على الرغم من أن إنجلترا تعتبر من أقدم الأنظمة
الديموقراطية في العالم ولها نظام قانوني عريق. أما الولايات المتحدة، وهي تعتبر
دولة حديثة النشأة مقارنا بالدول الأوروبية، فقد اعترفت بالحقوق العامة للإنسان في
القرن الثامن عشر ضمن اعلان الاستقلال. وفي عام١٩٢٠ أقرت قانون مساواة المرأة
بالرجل في الحقوق السياسية، وكذلك أذعنت فرنسا في القرن العشرين لهذا الأمر.
وعلى المستوي المنظمات الدولية فقد تضمنت مقدمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نشرته هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٤٨ لأول مره النص على المساواة بين حقوق الرجال والنساء ما يلي: «بما أن الأمم المتحدة قد أعلنت مرة أخرى في البيان ايمانها بحقوق الإنسان وبمكانته وقيمته وتساوي حقوق الرجل والمرأة.. .. إلخ».
وحتى هذه الجهود والتشريعات التي أقرها الغرب، لا تقارن بالمستوي الراقي الذي كفله الإسلام للمرأة. فتفوق النظام الإسلامي ليس فقط من حيث الأسبقية التاريخية، بل أيضا بالمكانة العالية والكريمة التي ضمنها الإسلام للمرأة بتشريعات إلهية لم يستطع الإنسان بتشريعاته الغربية أن يحقق للمرأة مكانة أفضل. وذلك لإن الله أنزل أحكامة لتناسب المرأة والبشر جميعا بعيدا عن التوجهات الفكرية والسياسية التي تتغير مع الزمن وتتأثر بالأهواء الشخصية أو الأفكار الفلسفية.
ومن الشهادات
البارزة في العصر الحديث على حقيقة تفوق الإسلام على كافة الأنظمة الأوروبية في
مجال حقوق المرأة، خطاب ملك بريطانية تشارلز الثالث حين كان أميرا لويلز في عام
1993، ألقاه في مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، بعنوان "الإسلام
والغرب":
"كما ينبغي علينا
أيضاً أن نميز الإسلام عن العادات السائدة في بعض الدول الإسلامية. من التحيزات
الغربية الواضحة في هذا المجال الحكم على وضع المرأة في المجتمع المسلم من خلال
الحالات المتطرفة. فالإسلام ليس كتلة صماء واحدة، والصورة ليست بسيطة. تذكروا، لو
شئتم، أن البلدان الإسلامية مثل تركيا ومصر وسوريا منحت النساء حق التصويت في نفس
الوقت الذي منحته أوروبا لنسائها – وقبل سويسرا بوقت طويل. كما تمتعت النساء في
تلك البلدان منذ وقت طويل بالحصول على أجور متساوية، وعلى فرصة القيام بدور العمل
كاملاً في مجتمعاتهن. حق النساء المسلمات في تملك العقارات وفي الإرث، ولقدر من
الحماية عند الطلاق، وإدارة شؤون العمل والممارسة التجارية، كل تلك حقوق نص عليها
القرآن قبل 1400 سنة، حتى لو لم تجدها مترجمة في أرض الواقع في كل مكان. في
بريطانيا على الأقل، كانت بعض تلك الحقوق أمراً مستحدثاً حتى بالنسبة لجيل
جدتي."
حقوق المرأة في الإسلام
يقول رب العالمين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣]
ويذكر التاريخ أن النبي محمد ﷺ وقبل وفاته بأيام قليلة خرج على الناس وكان مريضًا بشدة وألقى آخر خطبة عليهم فكان من جملة ما قاله وأوصى به: (أيها الناس، الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة». بمعنى أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاة، وظل يرددها إلى أن قال: «أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا.)
"آخر
وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم". Alghad. 21 يونيو 2016. مؤرشف من
الأصل في 2020-11-11. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-25.
ويظهر تفوق
الإسلام على كافة الأنظمة البشرية بأنه شرع للمرأة حقوق في الملكية وحرية التصرف
في الأموال دون سلطة من الرحل، حقوق في الميراث، فرض صون مكانة المرأة وتحريم
التعرض لها، حفظ جسد وخصوصية المرأة، الأمر بحفظ حقوق النساء وعدم ظلمهن أو
التعدِّي عليهن، بالإضافة إلى حقوق أخري، فرض على الرجل الإنفاق ورعاية المرأة.
ومن الأسس الثابت التي شرعها الله لتنظيم حقوق الإنسان ومكانة المرأة نذكر منها:
1. تكريم بني أدم
والمساواة بين الرجل والمرأة أصل خلقتهم، يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي
آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾
[الإسراء: ٧٠]. وجعل التفاضل بالتقوى، وليس بالذكورة والأنوثة: ﴿يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣].
2. المساواة في
التكليف والجزاء، والأجر كاملاً على العمل الصالح في الدنيا والآخرة:
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾ [آل عمران: ١٩٥]. ويقول سبحانه: ﴿مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧].
3. منح المرأة
حقوق متعلقة بالزواج والمهر والطلاق والنفقة وإرضاع الأطفال، وغيرها، يقول تعالى:
﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ
قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا
مُّبِينًا﴾ [النساء: ٢٠]، ويقول: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى
الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ
نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ
لَّهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، ويقول جل وعلا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ
لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ
مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن
تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ١٩].
4. ضمان ذمَّتها
المالية: كأهلية وجوب تُثبت صلاحية الإنسان لنيل حقوقه المشروعة له، وأداء
مسؤولياته المالية تجاه الآخرين: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا
وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ [النساء: ٣٢].
5. جعل الله
للمرأة ولاية للمؤمنين كما قال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٧١].
فمعنى ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾: كما قال الطبري: «إن بعضهم أنصارُ بعض
وأعوانهم». وعند البغوي: «بعضهم أولياء بعض في الدين واتفاق الكلمة والعون والنصرة».
وعند القرطبي: «قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف». وقد جاء في التَّحرير
والتَّنوير لابن عاشور: «وعبَّر في جانب المؤمنين والمؤمنات بأنَّهم أولياء بعض
للإشارة إلى أنَّ اللُّحمة الجامعة بينهم هي ولاية الإسلام، فهم فيها على السَّواء
ليس واحد منهم مقلِّدًا للآخر ولا تابعًا له على غير بصيرة، لما في معنى الولاية
من الإشعار بالإخلاص والتَّناصر بخلاف المنافقين، فكأنَّ بعضهم ناشئ من بعض في
مذامِّهم».
6. حقوق في الحياة
السياسية، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ
يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ
وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ
يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي
مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الممتحنة: ١٢].
7. حماية
المرأة من الإساءة والاعتداء أو التحرُّش، أو التطاوُل عليها وعلى سمعتها: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ٢٣]، ويقول جلَّ وعلا:
﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ
ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: ٣٠].
التعليقات على الموضوع