LightBlog

من هم الساميون وما هو مفهوم "العداء للسامية"

                                


  من المصطلحات الشائعة في الوقت الحالي والتي يستخدمها بشكل كبير من قبل قيادات الحركة الصهيونية، مصطلح "معاداة السامية" أو "اللاسامية" أو "كراهية السامية". معناه الحرفي "ضد السامية" والذي كان يقصد من استخدامه في الأصل ضد أي فعل أو قول يقصد به التمييز ضد الشعب اليهودي. لكن استخدام هذا المصطلح أصابه الكثير من الخلط والتظليل ليخرج عن معناه ومضمونة ويتحول إلى أداة أو سلاح لترهيب لكل من يحاول انتقاد التصرفات السياسية والعسكرية لدولة الاحتلال الصهيوني. فمن هم الساميون، وما أصل فكر معاداة السامية.   

 


الشعوب "السامية":

أسم "الساميون" اشتقوا من اسم "سام" وهو أحد أبناء النبي نوح الثلاثة (سام، حام، ويافث). وكان سام بِكْرَ أبيه سيدنا نوح عليه السلام. وأن الساميون هم شعوباً منسوبة إلى سلالة سام بن نوح عليه السلام.

 

كما أنه يستخدم لوصف مجموعة عرقية عرفوا بأنهم من المتحدثين باللغات السامية، وهي لغات تتشابه فيما بينها بشكل عام لكونها مجموعة لغوية تنتمي إلى منطقة جغرافية واحدة ومتقاربة كمجموعة اللغات الكنعانية في بلاد الشام. وقد تفرعت عن اللغة السامية الأم التي افترض العلماء أنها كانت موجودة منذ أكثر من 6000 عام عدة لغات. ومن اللغات السامية، العربية والعبرية والسريانية والفينيقية والآشورية والأكادية والآرامية.

 

واستخدم مصطلح واسم السامية في التوراة لتقسيم الأجناس البشرية إلى ثلاثة أقسام ينسب كل قسم إلى سلالة أحد أبناء سيدنا نوح عليه السلام. حيث وحسب هذا التقسيم، سكن الشعوب من أبناء سام "الساميون" في شبه الجزيرة العربية، وفي بلاد النهرين (العراق القديم)، وفي المنطقة السورية (سكان سوريا ولبنان وفلسطين). وسكنت الشعوب الحاميون (نسبة إلى حام) في القارة الأفريقية. والشعوب اليافثيون (نسبة إلى يافث) وهي الشعوب الهندوأوروبية، في منطقتي الشرق الأقصى وأجزاء من الشرق الأدنى القديم (بلاد فارس) والشعوب التي سكنت القارة الأوروبية.

 

أما عن شعوب الأمريكيتان من اللاتينيين والذين تم تسميتهم بالهنود الحمر، فقد اختلف العلماء في تحديد أصل تلك الشعوب. إلا أن بعض الدراسات أكدت بان أصل سكان القارتين قدموا في الأصل من الشعوب التي سكنت في قارة أسيا ودخلوا القارتين الأمريكيتان من الطرف الشمالي الغربي لقارة أمريكا الشمالية، وانتشروا عبر أراضيها باتجاه الوسط والجنوب.

 

وفي الإسلام، تقول بعض الروايات التاريخية أن كل البشر الموجودين اليوم كانوا من ذرية النبي نوح وأبنائه الثلاثة، استنادا إلى قوله تعالى: "وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِين" َسورة الصفات، الآية 77.

كما تضمنت بعض الكتب التاريخية روايات مشابه مثل قول ابن كثير في كتابة البداية والنهاية:

"أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن مع ما تواتر عند الناس في سائر الأزمان على وقوع الطوفان وأنه عم جميع البلاد ولم يبق الله أحدا من كفرة العباد استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم وتنفيذا لما سبق في القدر المحتوم."

 

وذكر في كتاب الأنساب لمؤلفه العلامة أبو المنذر سلمة بن مسلم الصحاري (توفي بداية القرن 6 هـ):

"ونزل بنو سام المَجْدل سُرّة الأرض وهو وسطها الحَرَمُ وما حوله. وهو بين المَقْدِس والنِّيل ودجْلَة والفُرات وسَيَّحان وجَيَّحان وفيشوُن، وذلك ما بين فيشون شرقي النيل، وما بين مَنْخَر ريح الجنوب إلى منحر الشمال، وما بين ساتيل ما البحر، وما بين اليمن والشام، واليمن كله وحَضَرَمَوْت إلى عمان إلى البحرين إلى عدن وبيرين ووَبَار، والدُّو، والدَّهْناء. وكانت أخصب بلاد العرب. لأن نوحا عليه السلام كان قد قَسَّم الأرض في حياته بين أولاده الثلاثة سام وحام ويافث، فكان أولاد سام ينزلون هذه البلاد، وجعل الله فيهم النُّبُوّة والكتاب والجمال والأدمة والبيَاض فيهم."

 

وقد شرع الإسلام بأمر من الله لليهود والنصارى وضعا قائم على العدالة والاحترام، وجعل لهم وضعا دينيا شرعيا يضمن لكل من يتبع هذه الأديان الحماية لأنهم أهل كتاب وأهل ذمة مع المسلمين ولهم حقوق وعليهم واجبات. الأمر الذي حقق لهم الحياة الآمنة المستقرة داخل المجتمع المسلم، وأبعد أي سبب للتميز ومنع الاضطهاد لأتباع الديانات السماوية.

 

الحركة الصهيونية:



هي حركة سياسية ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، وسعت الحركة إلى تأسيس دولة للأمة اليهودية في الأرض الفلسطينية. وهي في الأساس فكر أيديولوجي وطني سياسي. والتسمية مشتقة من كلمة عبرية وهي أحد ألقاب جبل صهيون في القدس. تم إقرار التسمية المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897. وقد قال عنها الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودي: "أنها حركة ملحدة تأسست على تفسير متطرف وأصولي للتوراة وتبرير لحركة سياسية وليس لها أي علاقة مع الدين."

 ويعتبر اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل مؤسس أو "أبا" الصهيونية السياسية. ويعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث وهو الذي قام بعملية تقنين الأفكار الصهيونية من خلال مؤتمر الصهيونية الأول. ورغم أن هرتزل ولد في عائلة يهودية، إلا أنه قال عن نفسه أنه ملحد ولا يعتقد في الديانة اليهودية. واعترف في مذكراته أنه كان مضطر لزيارة المعبد اليهودي لدغدغة عواطف اليهود!

 

معاداة السامية:




تذكر دائرة المعارف اليهودية في تعريف مصطلح "معاداة السامية" بأنه مستخدم منذ نهاية القرن التاسع عشر يشير إلى كراهية اليهود والعداء لهم لأسباب ذاتية تعود إلى طبيعة اليهودية وطبيعة اتباعها. وقد تم استخدامه للمرة الأولى سنة 1860 من قبل المفكر النمساوي اليهودي اشتينشنيدر (1816 - 1907 م) للإشارة إلى كراهية اليهود، وأعمال الاضطهاد والقمع التي تعرضوا لها من الشعوب الأوروبية على مر العصور. وبقي المصطلح غير منتشر أو مستخدم حتى جاء الصحفي الألماني "ولهلم مار" في عام 1879، واستخدمه في كتيب عنوانه «انتصار اليهودية على الألمانية» احتجاجًا على تنامي قوّة اليهود في الغرب واصفًا إياهم بأشخاص بلا مبدأ أو أصل. وأسس رابطة المعادين للسامية. وبدأت تظهر الكتابات المعادية لليهود في ألمانيا في تلك الفترة.

وقد استندت نظرية معاداة السامية إلى التمييز بين العرق الآري والعرق السامي. وانتشر هذا الاعتقاد في ألمانيا حيث أدى النشاط اليهودي في كل مجالات الحياة إلى إثارة كراهية الألمان وحقدهم على اليهود. وعلى الرغم أن الساميون يشمل شعوب مختلفة، إلا أن أتابع الحركة الصهيونية عمدوا على اختزال "العداء للسامية" في اليهود فقط واستبعاد بقية الساميين من عباءة السامية. والغريب في الأمر أن استخدام هذا المصطلح في الوقت الحالي يحتوي ضمنا على العديد من المغالطات التاريخية، إذ إن اليهود الذين اخترعوا هذا المصطلح لا ينتمون إلى الساميين، بل هم أوروبيون يعيشون في أوروبا منذ عام 70م.

 

الخلط بين السامية والصهيونية:

بدأت الصهيونية في توظف مصطلح معادة السامية لتحقيق مصالحها وأضفت له أبعاد سياسية، حيث خلط معناه واستخدامه مع مصطلح معاداة الصهيونية، وهو المصطلح الذي يشير إلى معارضة الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية. وقد أصبح مصطلح معادة السامية سلاح يستخدم للترهيب والتخويف أكثر منه للدفاع عن حقوق جماعة ضحية للاضطهاد. مما أبعده عن معناه ومضمونه الحقيقي وأصبح مجرد فزاعة. ويظل الإصرار والتعمد على إبقاء هذا الاستخدام الخاطئ بهدف خداع الناس والاستفادة منه سياسيا وإعلاميا.

 

 


ليست هناك تعليقات