الميراث في الإسلام: هل يميز الإسلام الرجل على المرأة في الميراث
يعد نظام الميراث في الإسلام أحد أكثر الأنظمة التي نظمة مسألة توزيع
التركة دقة وشمول. قائم على أسس العدالة والمساواة. حدده الله تعالى في كتابه
العزيز وسنة رسوله الكريم. بهدف حفظ حقوق الورثة، وتجنب النزاعات والخلافات، ضمان والإنصاف
بين أفراد المجتمع مع مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
ورغم ما يتمز به هذا النظام من دقة وشمول، إلا أنه أحد أكثر المواضيع التي يتخذها
كل من أراد إثارة الشبهات حول شرع الله والإساءة إلى الإسلام. مروجين لفكرة بعيد كل
البعد عن مضمون وأساس هذا النظام. وهي أن الإسلام يظلم المرأة وينتقص من حقوقها بفرض
نصيب يساوي نصف الرجل استنادا إلى الآية الكريمة: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي
أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). وإن الشائع لدى البعض من غير المتخصصين
لموضوع الميراث هي أن مسألة المواريث محكومة بقاعدة (للذكر ضعف نصيب الأنثى)
واعتبارها القاعدة الأصل.
وهذا الادعاء الباطل إما ناتج عن جهل بأحكام نظام الميراث أو بتعمد التدليس
في مناقشة، حيث أن الذكورة والأنوثة ليست معيارًا في تقسيم الإرث في الإسلام. والآية
لم تقل يوصيكم الله في الوارثين، وإنما في أولادكم فقط وليس كل الورث سواء كانوا
رجال أو إناث.
"حالات أربع فقط في الفقه الإسلامي ترث المرأة نصف الذكر، و7 حالات
ترث مثل الذكر، وأكثر من 10 حالات ترث المرأة أكثر من الذكر، وأكثر من هذه حالات
ترث المرأة ولا يرث الذكر."
د. عمر عبد الكافي
تقوم فلسفة الميراث في الإسلام على ثلاثة معايير ليست الذكورة أو الأنوثة من بينها. وهي:
1) درجة القرابة بين الوارث وبين المورِّث: فكلما اقتربت
الصلة من المورِّث زاد النصيب من الميراث.
2) موقع الجيل الوارث: فالأجيال الأصغر في العمر
المستقبلة للحياة التي تستعد لتحمل أعبائها عادة ما يكون نصيبها من الميراث أكبر
من نصيب الأجيال الأكبر في العمر، بغض النظر عن الوارثين والوارثات إن كانوا ذكورا
أم أناث، فالبنت على سبيل المثال ترث أكثر من الأم (وكلتاهما أنثى) بل وترث البنت
أكثر من الأب حتى لو كانت رضيعة، وكذلك يرث الابن أكثر من الأب وكلاهما ذكور.
3) التكليف والعبء المالي: فإذا تساوت درجة القرابة،
وموقع الجيل الوارث؛ كان التفاوت في الأنصبة المستَحَقَّة على قدر تفاوت الأعباء
المالية المُلقاة على الوارثين. فلو مات رجلٌ وترك ابنًا وبنتًا متساويين في درجة
القرابة وموقع الجيل الوارث؛ يرث الابن في هذه الحالة ضعف البنت لأنهما غير متساويين
في التكاليف والأعباء المالية. فالنفقة واجبة على الرجل، أما المرأة فمالُها تذخره
لنفسها، ولا تلزمها النفقة على أحد، ولا حتى نفقتها على نفسها في الغالب. والذكر
مكلَّف بإعالة أنثى (زوجةٍ). بينما الأنثى – الوارثة – إعالتها فريضة على الذَّكر
المقترن بها أو الذي سيقترن بها.
كانت المرأةُ في الجاهلية محرومةً من الإرث، حيث كان الذكرُ فقط هو الوارثَ
الوحيد، وفي حال انعدم الذكورُ فإن الميراث يذهب إلى الأعمام. كان أهل الجاهلية لا
يعطون النساء حق الميراث حتى جاء شرع الله وأنصف المرأة وكرمها بشكل تفوق على كافة
الأمم السابقة واللاحقة.
يستند توزيع الإرث في الإسلام على عدد
من الآيات في القرآن الكريم إما على وجه الإجمال أو على وجه التفصيل. وقد وضحت هذه
الآيات كيفية تقسيم الميراث بناءً على النسب والقرابة والعبء المالي وغيره. وتقسم
هذه الآيات إلى نوعين:
1)
الآيات المجملة التي تتحدث عن الحق في
الميراث فقط بدون التفصيل فيه.
-
سورة النساء الآيات 7-8
-
سورة الأنفال الآيات 74-75
2)
والآيات المفصلة التي توضع نصيب
الوارثين المستحقين للتركة وكيفية تقسيم الميراث بينهم:
-
سورة النساء آية 11-12
-
سورة النساء آية 176
أصحاب الفروض:
جاءت الشريعة
الإسلامية بنظام محكما لتقسيم المواريث، وجعلت أصحاب الحق في التركة 12 وارث. ويطلق
الفقهاء اسم أصحاب الفروض على أصحاب الحق في التركة، أربعة من الذكور، وهم: الأب،
والجد الصحيح وإن علا، والأخ للأم، والزوج، وثمان من الإناث وهن: الزوجة والبنت
والأخت الشقيقة والأخت للأب، والأخت للأم، وبنت الابن، والأم، والجدة الصحيحة وإن
علت.
1)
في حالة وجود أخ وأخت لأم في إرثهما من أخيهما، إذا لم يكن له
أصل من الذكور ولا فرع وارث (أي ما لم يحجبهم عن الميراث حاجب). فلكل منهما السدس.
2)
إذا توفى الرجل وكان له أكثر من اثنين من الأخوة أو الأخوات
فيأخذون الثلث بالتساوي.
3)
فيما بين الأب والأم في إرثهما من ولدهما إن كان له ولد أو
بنتين فصاعداً.
4)
إذا ماتت امرأة وتركت زوجا وأختا شقيقة: فلكل منهما النصف.
5)
إذا ماتت امرأة وتركت زوجا وأختا لأب: فلكل منهما النصف.
6) إذا
ماتت امرأة وتركت زوجا وأم وأختا شقيقة: فللزوج النصف، وللأم النصف، ولا شيء للأخت.
7) إذا ماتت امرأة
وتركت زوجا وأختا شقيقة وأختا لأب وأختا لأم: فللزوج النصف، والأخت الشقيقة النصف،
ولا شيء للأخت لأب وللأخ لأب.
8) إذا مات الرجل
وترك ابنتين وأبا وأما: فالأب السدس والأم السدس ولكل ابنة الثلث.
9)
إذا مات الرجل وترك زوجة وابنتين وأبا وأما: فللزوجة الثمن وسهمها
3، والأب الربع وسهمه 4 ، والأم الربع وسهمها 4 ، ولكل ابنة الثلث وسهم كل منهما 8.
10) إذا
مات الرجل وترك أماً وأختاً وجداً: فلكل منهم الثلث. فقد تساوت المرأة مع الرجل.
الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل:
1)
إذا مات وترك
بنتًا وأختًا وعمًا: فللابنة النصف وللأخت النصف، ولا شيء للعم.
2) إذا ماتت امرأة
وتركت زوجًا وأختًا شقيقة وأختًا لأب وأختًا لأم: فللزوج النصف، والأخت الشقيقة
النصف، ولا شيء للأخت لأب وللأخ لأب.
3) إذا
ماتت وتركت زوجًا، وأبًا، وأمًا، وابنةً، وابنة ابن، وابن الابن: فللزوج الربع
وسهمه 3، ولكل من الأب والأم السدس وسهم كل منهما 2، والابنة النصف وسهمها 6، ولا
شيء لكل من ابنة الابن وابن الابن، أي الابنة ورثت ستة أضعاف ابن الابن.
4) إذا ماتت وتركت
زوجًا وأمًا وأَخَوَين لأم وأخا شقيقا أو أكثر.
5)
للزوج النصف وسهمه (3) وللأم السدس وسهمها (1)، وللإخوة لأم
الثلث وسهم كل واحد منهما (1) وتصح من (6)، ولا يبقى للأشقاء ما يرثونه.
الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:
حوالى تسعة عشر حالة مختلفة يكون نصيب
المرأة فيها أكثر من نصيب الرجل مثل على سبيل المثال
1)
إذا مات الرجل وترك أما وابنتين وأخا. الأم (الثُمُن)، البنتين
(الثلثين)، الأخ (الباقي). وبذلك تكون الابنة قد أخذت أكثر من ميراث الأخ.
2)
إذا مات الأب وترك ابنة وأما وأبا. فالابنة تأخذ النصف، والأم
تأخذ السدس، والأب يأخذ السدس فرضاً والباقي تعصباً. وبذلك تكون الابنة قد أخذت أكثر
من ميراث الأب.
3) إذا مات الرجل
وترك ابنتين وأبا وأما. فللأب السدس والأم السدس.
وكل ابنة تأخذ الثلث. يتساوى الأب والأم،
والابنة قد أخذت أكثر من ميراث الأب.
4)
إذا ماتت امرأة وتركت زوجا وأما وجدا وأَخَوَين للأم وأخوين لأب: فللزوج النصف، وللجد السدس، وللأم السدس، ولأخوة الأب السدس،
ولا شيء لأخوة الأم. يتساوى الجد مع الأم، وللأم ضعف ميراث أخي زوجها.
5) إذا ماتت امرأة
وتركت زوجا وأما وجدا وأَخَوَين للأم وأربع أخوة لأب:
فللزوج النصف، وللجد السدس، وللأم
السدس، ولأخوة الأب السدس، ولا شيء لأخوة الأم.
وتكون بذلك الأم قد ورثت أربعة أضعاف
الأخ لزوجها.
6) إذا ماتت امرأة
وتركت زوجا وأما وجدا وأَخَوَين للأم وثمانية أخوة لأب.
فللزوج النصف، وللجد السدس، وللأم السدس،
ولأخوة الأب السدس، ولا شيء لأخوة الأم. وتكون بذلك الأم قد ورثت ثمانية أضعاف أخ
الزوج.
7) إذا مات شخص
وترك بنتين، وبنت الابن، وابن ابن الابن. نصيب
كل ابنة الثلث ونصيب بنت الابن الثمن، وابن ابن الابن الربع. وبذلك تكون الابنة قد
أخذت أكثر من نصيب ابن ابن الابن.
8) إذا ماتت امرأة
وتركت زوجا وأختا شقيقة وأختا لأب وأختا لأم. فللزوج النصف،
وللأخت الشقيقة النصف، ولا شيء للأخت لأب وللأخ لأب. وبذلك يكون الزوج والأخت
الشقيقة قد أخذا الميراث ولم يأخذ منه الأخ لأب وأخته.
الحقوق قبل توزيع التركة:
أمر الله بتقسيم
التركة على الورثة المستحقين، لكن الشرع حقوقا واجبة الأداء بالميراث قبل توزيعه، وهي
كما يلي:
الحق الأول: هو تجهيز
الميت، يقصد بذلك توفير ما يحتاجه جثمان الميت من الكفن والغسل والدفن على الطريقة
الشرعية.
الحق الثاني: هو سداد ديون الميت
إن وجدت، وينبغي أن يتم سداد تلك الديون قبل تنفيذ الوصية.
الحق الثالث: هو تنفيذ وصية
الميت المشروعة من ثلُث التركة فقط، ويقصد بالوصية المال الذي يوصي الإنسان قبل
موته أن يذهب لأشخاص بعينهم.
شروط المواريث
حدد الفقهاء ثلاثة شروط للإرث، نُفصّلها فيما يلي:
الشرط الأول: التحقق من
الوفاة بالمشاهدة، أو شهادة عدلين، أو بموت المُورِّث حكما، ويكون ذلك في حالة
الشخص المفقود إذا مرت المدة المحددة للبحث عنه.
الشرط الثاني: هو التحقق من
حياة الوارث بعد موت المورث، حتى ولو امتدت حياة الوارث للحظة، ويكون التحقق من
حياة الوارث حقيقة.
في حال كان الوارث جنينا فإنه لا يرث إلا بتحقق شرطين، أولهما وجود
الحمل داخل الرحم حتى ولو كان مجرد نطفة في وقت وقوع وفاة المُورِّث، والشرط
الثاني خروج الجنين حيا بحالة مستقرة.
الشرط الثالث: من شروط
المواريث هو العلم بالسبب المقتضي للإرث، حيث أن ثبوت الإرث يجب أن يكون بناء على
صفات مثل الأبوة، والزوجية، والولاء وما إلى ذلك.