LightBlog

الإعلام سلاح ذو حدين: تظليل الرأي العام وتوجيهه




مقدمة: قوة الإعلام وأثره الهائل

الإعلام، بكل أشكاله التقليدية والحديثة، هو قوة عظمى تشكل الرأي العام وتوجه السلوكيات. فهو النافذة التي نطل منها على العالم، والأذن التي نسمع بها الأخبار والأحداث. وبفضل انتشاره الواسع وسهولة الوصول إليه، أصبح الإعلام عنصرًا حاسمًا في تشكيل الهويات الثقافية والسياسية، وتوجيه الرأي العام نحو اتجاهات معينة.


إساءة استغلال الإعلام: سلاح لتضليل الرأي العام

للأسف، يتم استغلال هذه القوة الهائلة أحيانًا لأغراض سياسية واقتصادية، حيث يتم توظيف الإعلام كسلاح لتضليل الرأي العام وتحقيق مصالح ضيقة. يتم ذلك من خلال:

  • نشر الأخبار الكاذبة والشائعات: يتم بث معلومات مغلوطة بهدف تشويه سمعة الأفراد والمؤسسات، أو التحريض على الكراهية والعنف.
  • التحيز الإعلامي: يتم تغطية الأحداث من زاوية معينة، بحيث يتم التركيز على جوانب معينة وتجاهل جوانب أخرى، مما يؤدي إلى تشويه الصورة الحقيقية للأحداث.
  • التلاعب بالمشاعر: يتم استخدام لغة عاطفية ومؤثرة لتوجيه مشاعر الجمهور نحو اتجاهات معينة، دون الاعتماد على الحقائق والأدلة.
  • التكرار المستمر: يتم تكرار الرسائل الإعلامية بشكل متكرر، حتى يتم ترسيخها في أذهان الجمهور وتصبح حقيقة مسلم بها.


التحكم في الرأي العام: أمثلة تاريخية

تاريخ البشرية مليء بالأمثلة على إساءة استغلال الإعلام، ومن أبرز هذه الأمثلة:

  • الحروب العالمية: تم استخدام الدعاية الإعلامية بشكل مكثف خلال الحربين العالميتين لتحريض الشعوب على الحرب وتشويه صورة الأعداء.
  • الثورات الشيوعية: استخدمت الأنظمة الشيوعية الإعلام كأداة أساسية لبناء شخصية المواطن الشيوعي ونشر الأيديولوجيا الشيوعية.
  • الحروب الباردة: شهدت الحرب الباردة صراعًا إعلاميًا شرسًا بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، حيث تم استخدام الإعلام كسلاح للتأثير على الرأي العام العالمي.


كيف نحمي أنفسنا من التضليل الإعلامي؟

لحماية أنفسنا من التضليل الإعلامي، يجب علينا اتباع النصائح التالية:

  • التحقق من المصادر: قبل تصديق أي خبر، يجب التحقق من مصدره والتأكد من مصداقيته.
  • مقارنة المصادر المختلفة: يجب مقارنة الروايات المختلفة لنفس الحدث، للوصول إلى صورة أكثر شمولية ودقيقة.
  • التشكك في الأخبار المثيرة: يجب أن نكون حذرين من الأخبار المثيرة والصادمة، فهي غالبًا ما تكون مبالغ فيها أو غير دقيقة.
  • التعلم النقدي: يجب أن نطور مهاراتنا في التفكير النقدي، حتى نتمكن من تحليل المعلومات وتقييمها بشكل موضوعي.


دور الإعلام في الثورات والانتفاضات

الإعلام يلعب دورًا حاسمًا في الثورات والانتفاضات، حيث يمكنه:

  • كشف الحقائق: يمكن للإعلام أن يكشف الحقائق حول الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها الأنظمة الحاكمة، مما يزيد من الوعي العام ويحفز الناس على الثورة.
  • تنظيم الاحتجاجات: يمكن للإعلام أن يساعد في تنظيم الاحتجاجات والتظاهرات، من خلال نشر المعلومات حول مكان وزمان هذه الأحداث.
  • بناء التضامن: يمكن للإعلام أن يبني التضامن بين مختلف فئات المجتمع، ويشجع على الوحدة الوطنية.

 

بعض من أساليب الاحتلال الصهيوني في التلاعب بالإعلام:

 

لعب دور الضحية وتحميل المقاومة مسئولية الويلات والدمار الذي يصيب المدنيين

المواجهة المباشرة مع المقاومة تدخل المحتل في صراع مكلف ومرهق. لذا يلجأ الاحتلال إلى أساليب غير أخلاقية تصنف كجرائم حرب في نظر القانون الدولي بهدف التأثير النفسي على المقاومة وإضعاف روحهم المعنوية والعمل على فقد التأييد الشعبي وانقلاب الرأي العام الإقليمي والعالمي ضد المقاومة. وهي أساليب أقل كلفة وقد تجنب المحتل الدخول في صراع مباشر طويل مع المقاومة. ومن تلك الأساليب:

 

التأثير وتضليل على الرأي العام بإستخدام المراوغة

أولاإذا لم يستطيع المحتل الوصول واستهداف عناصر المقاومة بشكل مباشر، فإنه يلجئ إلى أسلوب العقاب الجماعي ويوجه سلاحه إلى أهداف الأهداف المدنية بشكل وحشي ودموي يحدث دمار واسع ويسقط عدد كبير من الضحايا. استهداف المدنيين يحقق عدد من النقاط أهمها الألم والصدمة لدى أهالي الضحايا، إضعاف الروح المعنوية، خلق حالة من الرعب والخوف. وبالتالي يشكل كل ذلك ضغط نفسي كبير على أفراد المقاومة.

 

القانون الدولي يحرم معاقبة أي شخص أو مجموعة أشخاص عن فعل لم يرتكبونها. وإنما ارتكبه شخص آخر، وذلك يشمل أسرى الحرب أو أشخاص آخرين (اتفاقيّة جنيف 3، المادة 87، البروتوكول 1، المادة 75-2، البروتوكول 2، المادة 4-2 ب).

 

ثانيا: يبدأ المحتل في حمل إعلامية تعتمد على تكرار نفس الأكاذيب والادعاءات عدت مرات بهدف التنصل من المسئولية عن وقوع ضحايا مدنيين أو تعمد استهداف المدنيين وتحميل المقاومة المسئولية استنادا إلى ادعاءات بأن أفراد المقاومة كانوا يتحصنون في أماكن مدنية أو اتخاذ دروع بشرية من المدنيين وأن قوات الاحتلال لم تتمكن من تفادي استهداف المدنيين. وبذلك يتنصل من المسئولية الأخلاقية والجنائية ويخلق حالة لدى الرأي العام العالمي تظهر أفراد المقاومة بأنهم مجرمون ويعرضون حياة المدنيين للخطر.

 

وقد جرم القانون الدولي استهداف وقتل المدنيين في كل الأحوال والظروف. وأن الادعاء باستخدامهم المدنيين كدروع بشرية لا يبرر قتلهم وإنما اعتبر ذلك جريمة حرب. اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية نصت في المادة 25 على حظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والأماكن السكنية أو المباني المجردة من وسائل الدفاع أيا كانت الوسيلة المستعملة".  كما اعتبر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية يشكل جريمة حرب.

 

ثالثا: تجنيد إعلاميين ومتحدثين رسميين للتعليق على الأحداث لزرع فكرة أن سبب الهجوم كان لرد على تحرك المقاومة وتحميل المقاومة كامل المسؤولية عن النتائج البشعة والمؤلمة، وأن حجم الدمار والضحايا لم يكن ليحدث لو أن المقاومة توقفت عن مهاجمة المحتل. يستمر هذا النهج بشكل متكرر حتى أن تنقلب الناس ضد المقاومة وتحويل غضبهم من المحتل إلى المقاومة مما يشكل ضغط على المقاومة لوقف العمليات وشق صف الجبة الداخلية على أمل أن يجد المحتل من يقبل أن يتعاون مع الاحتلال ضد المقاومة لتجنيب المدنيين المزيد من الدمار.

  

ختامًا، الإعلام هو سلاح ذو حدين، يمكن استخدامه لبناء المجتمعات أو تدميرها. لذلك، يجب علينا أن نكون واعين بدوره وقوته، وأن نسعى إلى تطوير مهاراتنا في تحليل المعلومات وتقييمها، حتى نتمكن من حماية أنفسنا من التضليل الإعلامي.

 

ليست هناك تعليقات