LightBlog

السلطان العثماني صاحب أطول مدة جلوس على العرش

 


السلطان العثماني صاحب أطول مدة جلوس على العرش

 





في عهده كانت الدولة العثمانية أكبر وأقوي دولة على وجه الأرض، عاشر السلاطين العثمانيين وثاني من حمل لقب الخلافة من آل عثمان.  إنه السلطان سليمان الأول بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغرل.، (المعروف بالسلطان سليمان القانوني).

 

"لم يكن قائدا عسكريا عظيما فقط، رجل سلاح، كما كان أبوه وجد جده من قبله بل اختلف عنهم لأنه كان رجل قلم. كان مشرعا عظيما، يقف أمام قومه كحاكم نبيل المشاعر وناصر للعدالة شهم."  - ىلورد كينروس

 


عرف بلقب القانوني لوضعه نظما داخلية للمؤسسة السياسية والوظائف العليا، وإدخاله تعديلات جوهرية على المؤسسة العسكرية

ولد السلطان سليمان الأول في (شعبان 900هـ/ أبريل/نيسان 1495م) بمدينة طرابزون، وقد كانت أمة ابنة لملك من ملوك التتر (لقب عرف به الأتراك غير العثمانيين).

تعلم القرآن والفقه والأدب، وكان محبا للقراءة في مختلف العلوم والثقافات، وتحدث بعدة لغات منها الفارسية والعربية، كما تعلم الرماية والرياضات البدنية والعسكرية، وتولّه بالخيل ركوبا وتربية.

تولى ولاية عدد من المدن منها قرة حصار (شمال تركيا) وفيودوسيا (بلاد القرم)، وعُين واليا على إسطنبول ثم مغنيسيا على ساحل بحر إيجة إلى يوم وفاة والده.

 تولى السلطان سليمان القانوني بعد والده السلطان سليم الأول في 9 شوال 926هـ - 22 سبتمبر 1520م. وتسلم مقاليد الحكم بعد وفاة أبيه المفاجئة أثناء سيره لإحدى غزواته. ولم يكن له إخوة على الحكم مما أسهم في إرساء قواعد الحكم لصالحه من دون منافسة.

ورث سليمان 8 سنوات من حكم أبيه المتسم بالحدة والقسوة، فآثر أن يبدأ بما يبث روح العدالة المتسامحة في الرعية المتخوفة من قسوة متوقعة.

كان عهد السلطان سليمان القانوني قمة فترات حكم الدولة العثمانية سواء في الفتوحات والحملات الجهادية أو في الناحية المعمارية والعلمية والأدبية والعسكرية. كان السلطان سليمان مؤثر حتى في السياسة الأوربية تأثيرا عظيما وبمعنى أَوضح كان هو القوة العظمى دوليا في زمنه، نعمت الدولة الإسلامية العثمانية في عهده بالرخاء والطمأنينة.




انتصاراته العسكرية:

بدأ عهده بحملات ضد القوى المسيحية في وسط أوروبا والبحر الأبيض المتوسط. حيث فتح بلغراد في عام 1521 وفي عام 1523 ثم جزيرة رودس المدعومة من الكنيسة في روما والتي كانت دائمًا ما يتعرض للسفن الإسلامية وينهب محتوياتها ثم تعرض لإحدى سفن الحجاج وبعض السفن التجارية وقتل عددا من الركاب المسلمين

. وفي أغسطس/آب عام 1526 حطم سليمان القوة العسكرية للمجر في موقعة موهاس حيث لقي الملك المجري لويس الثاني حتفه في المعركة.

 وفي الشرق شن سليمان حملات كبرى ضد بلاد فارس بين عامي 1534و1549 وانتهت بسيطرة العثمانيين على منطقة أرضروم في شرق آسيا الصغرى، كما دخل العثمانيون العراق، ولكنهم لم ينجحوا في إخضاع الدولة الصفوية في بلاد فارس وتم توقيع أول سلام رسمي بين العثمانيين والصفويين عام 1555.

 وفي البحر المتوسط أصبحت القوة البحرية للعثمانيين هائلة في عهد سليمان حيث أصبح خير الدين، المعروف في الغرب باسم باربروسا أميرالا في الأسطول العثماني وقد انتصر في معركة بحرية قبالة بريفيزا في اليونان على أساطيل البندقية وإسبانيا عام 1571.

 وفي أفريقيا، فتحت أراضي ليبيا في عام 1551 والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي والصومال، وأصبحت تلك البلاد ضمن نفوذ الدولة العثمانية. وتم سحق حملة إسبانية قوية ضد طرابلس في جربة عام 1560، لكن العثمانيين فشلوا في الاستيلاء على مالطا من فرسان سانت جون عام 1565. وبلغت القوة البحرية العثمانية في هذا الوقت مناطق بعيدة مثل الهند.

 كان السلطان سليمان يقود الحملات الهامة بنفسه وقد توغل في عمق أوربا حتى وصل إلى فيينا. وقد قاد القانوني بنفسه ثلاث عشرة حملة عسكرية كبرى وفتح بنفسه 360 حصنا وقلعة. وقد بلغ الجيش في عهده درجة عالية من القوة بحيث كانت تخشاه جميع الجيوش فقد حاولت إسبانيا احتلال هولندا فطلب ملك هولندا وقتها المساعدة من السلطان سليمان القانوني فأرسل له أربعين بدلة من لباس الجيش الإنكشاري ليلبسها الجنود الهولنديون في المعركة وعندما شاهدها الإسبان ظنوا أن العثمانيين يحاربون بجانب الهولنديين فتوقفت اعتداءاتهم ثلاثين عاما.

 

 


 إنجازاته:

وصلت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان إلى مساحة 15 مليون كم2 بعد أن استلمها من أبيه سليم الأول بمساحة 6.5 مليون كم2 وكانت الدولة العثمانية تضم في أوروبا: المجر ورومانيا ويوغسلافيا وبلغراد وكرواتيا وسلوفينيا ومناطق أخرى.

 وفي آسيا: كانت تضم جزيرة رودس مع الجزر الاثنتي عشرة والسعودية وغربي جورجيا والقسم المتبقي من شرقي الأناضول وكانت تحت حمايته كل من اليمن والكويت والبحرين وحضرموت وقطر ومناطق أخرى.

 وفي إفريقيا: كانت تضم معظم مناطق أريتيريا وجيبوتي والصومال والحبشة وليبيا وتونس وتشاد وبعض مناطق الصحراء الكبرى.

 أحاط سليمان نفسه بالإداريين ورجال الدولة ذوي القدرات العالية، مثل إبراهيم ورستم ومحمد سوكولو، ومتخصصين في الشريعة الإسلامية مثل أبو السعود، وشعراء مثل الشاعر التركي الكبير باكي، ومهندسين مثل المهندس المعماري سنان. وبنى سليمان قلاعا حصينة للدفاع عن الأماكن التي انتزعها من أوروبا وأقام في مدن العالم الإسلامي (بما في ذلك مكة ودمشق وبغداد) المساجد والجسور والقنوات وغيرها من المرافق العامة.


كان التعليم مجالا مهما للسلطان. منحت مدارس المساجد والتي تمولها المؤسسة الدينية تعليما مجانيا لأطفال المسلمين وكانت متقدمة على تلك في الدول النصرانية في ذلك الوقت. في العاصمة، زاد سليمان عدد المدارس إلى أربعة عشر تعلم الصغار القراءة والكتابة ومبادئ الإسلام. وأمكن للأطفال الذين رغبوا مواصلة تعليمهم الشروع في واحدة من ثمانية مدارس جامعة، والتي شملت شعبها قواعد اللغة والميتافيزيقيا والفلسفة وعلم الفلك والتنجيم. منحت المدارس الجامعة العليا تعليما بدرجة جامعات اليوم، وأصبح خريجوها أئمة أو معلمين. شملت المراكز التعليمية في كثير من الأحيان واحدا من المباني العدة المحيطة بباحات المساجد أما المباني الأخرى فكان بها المكتبات وقاعات الطعام والنوافير ومطابخ الحساء والمستشفيات لصالح العامة.

 بلغت الدولة العثمانية في عهده درجة عالية من التقدم في مختلف المجالات. وبالطبع لا يمكن للدولة أن تكون قوية سياسيا وعسكريا وتمتد جيوشها من شرق العالم إلى غربه إلا إذا كان هناك نظام اقتصادي قوي لهذه الدولة. وفي عام 1528 بلغ دخل الدولة العثمانية أكثر من 9,6 مليون دوقية ذهبية. وكانت واردات الدولة العثمانية متنوعة بين الضرائب والجمارك والغنائم التي تحصل على خمسها من المعارك أو من الجزية المفروضة على الدول النصرانية.


 كان السلطان سليمان مغرم بالعمارة والبناء حيث شيد في عهدة العديد من أعمال التشييد، ففي عصره بنى مدينة السليمانية بالعراق العجمي على أنقاض قرية قديمة. فقد كان القانوني مغرمًا بالبناء والتشييد، فظهر أثر ذلك في دولته، فأنفق بسخاء على المنشآت الكبرى فشيد المعاقل والحصون في رودس وبلغراد وبودا، وأنشأ المساجد والصهاريج والقناطر في شتى أنحاء الدولة العثمانية، وبخاصة في دمشق ومكة وبغداد، غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة. وفي عهد القانوني عاش معمار سنان وبنى الكثير من الأبنية المعمارية بأمر من سليمان القانوني


 وأهم ما أشتهر به السلطان سليمان واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته الكبيرة. حيث كان القانون السائد في الإمبراطورية هو الشريعة الإسلامية وكان تغييرها خارج صلاحيات السلطان. حتى ظهر قانون سليمان الذي غطى مجالات القانون الجنائي وحيازة الأراضي والجبايات. جمع فيه جميع الأحكام التي صدرت من قبل السلاطين العثمانيين التسعة الذين سبقوه. وبعد القضاء على الازدواجية والاختيار بين التصريحات المتناقضة، أصدر مدونة قانونية واحدة، وراعى فيها الظروف الخاصة لأقطار دولته، على سبيل المثال في عام 1525 أصدر السلطان قانون نامة مصر لتنظيم أمور إيالة مصر. وحرص على أن تتفق مع الشريعة الإسلامية والقواعد العرفية، وأن يكون لها أدلة من القرآن وحديث رسول الله.


وفي عهده أكمل سليمان مهمة تحويل مدينة القسطنطينية البيزنطية السابقة إلى إسطنبول، لتصبح مركزا يليق بإمبراطورية تركية وإسلامية كبرى.

 توفي السلطان سليمان القانوني أثناء حصار قلعة زيغتفار في المجر في 6 سبتمبر/أيلول عام 1566.

 

ليست هناك تعليقات