حقيقة الأثار اليهودية في أرض فلسطين
يقول شلومو ساند - بروفسور تاريخ إسرائيلي بجامعة تل
أبيب ومؤلف كتاب اختراع الشعب اليهودي - "لم نجد في أي نص أو اكتشاف
أثري مصطلح "أرض إسرائيل" مستخدمًا للإشارة إلى منطقة جغرافية محددة."
من الحقائق التاريخية الثابتة والتي لا
يعلمها الكثيرون، أن بنو إسرائيل لم يبنوا
حضارة قط في أراضي فلسطين أو المناطق المحيطة بها. وهذا واضح في الدراسات الأثرية
التي وجدت أدوات تعود للفلسطينيين منذ العهد البرونزي ولم تجد شيئا لليهود.
في الألف الثالثة قبل الميلاد هاجر إبراهيم عليه السلام من بلدة أور في
العراق إلى فلسطين، وأنجب إسحق والد يعقوب الذي يسمى كذلك إسرائيل وإليه ينتسب
الإسرائيليون. وبسبب المجاعة هاجر يعقوب وأولاده إلى مصر حيث كان ابنه النبي يوسف
عليه السلام قائما على خزائنها واستقروا في مصر وكثر عددهم، ولكنهم تعرضوا
للاضطهاد في عهد رمسيس الثاني فقرر موسى عليه السلام الخروج بهم إلى أرض كنعان.
ومكثوا في الصحراء 40 سنة قبل أن يتمكنوا من دخول فلسطين بعد موت موسى وفي عهد النبي
يوشع، وتمكن داود من إقامة مملكة لبني إسرائيل في القدس بعدما انتصروا على جالوت.
وبشكل عام، فإن تواجد اليهود في أراضي فلسطين كان محدودا في فترة معينة متقطعة
على مر العصور. وبحسب راوية التوراة نفسها، أول وجود لليهود على أرض فلسطين كان
بعد عام 1460 قبل الميلاد، وكانت نسبة اليهود بسيطة جدا مقارنة بالسكان الأصليين
"الكنعانيون". ولا توجد أية مدينة في فلسطين بناها اليهود، أو تحمل
اسماً يهودياً، فأسماء جميع قرى ومدن فلسطين كانت -وما تزال- كنعانية عربية
ويعتبر العرب الكنعانيون سكان أرض فلسطين منذ عصور ما قبل التاريخ (عصر ما
قبل القراءة والكتابة) حيث استقروا وعملوا على استصلاح الأرض والزراعة وبناء
البيوت وقد وجدت آثار وأدوات زراعية تعود لفترة لم يكن فيها اليهود أصلا وهذا يدلل
أن هناك سكانا سبقوا الجميع في الحياة على هذه الأرض.
ومن التوراة أيضا نجد أن اسم الـ "قدس" قد ور في موضعين في سفري
أشعيا ونحميا. فأسم المدين كان موجود
وسابق لوجود بني إسرائيل فيها، وقبل ظهور اللغة العبرية أساسا.
شهادات على عدم وجود اثار يهودية في فلسطين:
منذ أن احتل الصهاينة الجزء الشرقي من القدس عام 1967 إلى اليوم، والحكومات
المتعاقبة أنفقت الأموال على بعثات التنقيب على الأثار المتعاقبة. ورغم المجهودات
المتواصلة، وقاموا بإجراء حفريات وأنفاق تحت أسوار جبل بيت المقدس، وتحت أسوار
المسجد الأقصى من جانبيه الغربي والجنوبي، وامتدت الحفريات إلى الأرضية الداخلية
تحت ساحة المسجد، وتحت مسجد النساء داخل المسجد الأقصى واستمرت الحفريات بشق نفق
واسع طويل اخترق المسجد من شرقه إلى غربه، لم يتم العثور على أي أثر أو حفريات تثبت
وجود دولة لليهود أو هيكل سليمان المزعوم في مدينة القدس. وهو الأمر الذي أكدته
أكثر من جهة وحتى علماء أثار إسرائيليين أنفسهم.
وقد أقر العديد من علماء الآثار أنهم مسحوا أرض فلسطين حجراً حجراً،
وشبراً شبراً، ومنذ القرن التاسع عشر، ولم يتركوا حجراً ولا بئراً ولا وادياً ولا
جبلاً ولا مرتفعاً ولا قعراً إلا نقبوه... والنتيجة: لا شيء! لا دليل.
يؤكد عالِم الآثار الإسرائيليِّ "إسرائيل فلنكشتاين"، على
نفى أيَّة صِلَةٍ لليهود بمدينة القدس، ويرى أنَّها لم يعشْ فيها اليهودُ مطلقًا،
ولم يتم بناء أيِّ هيكلٍ على مرِّ العصور، وأنَّ قصص الهيكل مُختلقة. وأنَّ هيكل
سليمان لا يوجد أيُّ شاهدٍ أثريٍّ يدلُّ على أنَّه كان موجودًا، فعلى أيِّ أساسٍ
يزعمُ اليهود الصهاينة أنَّ القدسَ عاصمةٌ أبديَّةٌ لدولتهم؟
وأضاف فلنكشتاين "إن هؤلاء الناس الذين يقومون بالحفريات في القدس
يحاولون خلط الدين بالعلم، مضيفاً أن منظمات يهودية يمينية متطرفة من بينها جمعية
"إيلعاد" لم تعثر على قطعة أثرية ترجع إلى زمن الأنبياء داود وسليمان."
وفي نفس السياق، كانت شهادة البروفيسور "يونى مزراحى"، وهو عالم
آثار مستقل عمل سابقاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي اتفق مع رأى
فنكلشتاين، قائلاً إن جمعية "إيلعاد" لم تعثر أثر أو حتى كتابات تعود
إلى زمن ملوك الدولة اليهودية رغم أنهم يعتمدون على نصوص مقدسة لإرشادهم في عملهم.
شهادة أخري جاءت من أحد كبار علماء ما يسمى "الآثار التوراتية"،
وهو الأمريكي الأصل توماس ثامبسون، الذي قال: "إن أحداً من علماء الآثار، أو
الحفارين، أو المنقبين، في طول فلسطين وعرضها، لم يتمكن من الحصول على إثبات واحد
يؤكد فيه أنه كان لليهود وجود في أرض فلسطين قبل المئة الأولى من السيد المسيح
عليه السلام!" ونشر ثامبسون في عام
1999 م كتاباً بعنوان رئيسي هو: “The Mythic Past” "الماضي الأسطوري" وعنوان فرعي هو: “Biblical Archaeology and the Myth of Israel”:
"علم الآثار التوراتي وأسطورة إسرائيل".
أما أقوى وأهم تلك الشهادات ما صدر عن عالم الآثار «الإسرائيلي»، أستاذ قسم
الآثار وحضارة الشرق القديم في «جامعة تل أبيب» البروفيسور «زئيف هرتسوغ»، عندم
أصدر مقال «التوراة: لا إثباتات على الأرض»، الذي نشرته جريدة (هآرتس)
«الإسرائيلية» بتاريخ 18/11/1999، جاء
فيه: «بعد سبعين عاماً من الحفريات المكثفة في أرض فلسطين توصل علماء الآثار إلى
نتيجة مخيفة، لم يكن هناك شيء على الإطلاق، حكايات الآباء مجرد أساطير، لم نهبط
مصر، ولم نصعد من هناك، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان»،
ويستطرد «هرتسوغ» قائلاً: «من المعتقد أن سكان العالم كله وليس مواطنو «إسرائيل»
وأبناء الشعب اليهودي وحدهم سيذهلون لسماع الحقائق التي باتت معروفة لعلماء الآثار
الذين يتولون الحفريات في أرض «إسرائيل» منذ مدة من الزمن. في العشرين سنة الأخيرة يحدث انقلاب حقيقي في
نظر علماء الآثار «الإسرائيليين» إلى التوراة باعتبارها مصدراً تاريخياً، وإنَّ
أغلبية المنشغلين في النقاشات العلمية في مجال توراة آثار وتاريخ شعب «إسرائيل»
الذين كانوا حتى الآن يبحثون في الأرض عن البراهين والدلائل للحكايات الواردة في
العهد القديم، يتفقون الآن على أنَّ مراحل تكون شعب «إسرائيل» كانت مغايرة تماماً
لما يوصف في التوراة. من الصعب قبول ذلك،
ولكن من الواضح للعلماء والباحثين اليوم أن شعب «إسرائيل» لم يُقم في مصر ولم
يَتُه في الصحراء ولم يحتل الأرض من خلال حملة عسكرية ولم يستوطنها من خلال أسباطه
الاثني عشر. والأصعب من ذلك أيضاً هو هضم
الحقيقة التي تتضح رويداً رويداً بأنَّ مملكة داود وسليمان الموحدة التي وصفتها
التوراة على أنها دولة عظمى إقليمية، كانت في أقصى الأحوال مملكة قبلية صغيرة،
إضافة إلى ذلك يتوقع عدم ارتياح كل من سيضطر إلى العيش مع المعلومة القائلة إن
يهوه إله إسرائيل كان متزوجاً وإن الدين «الإسرائيلي» القديم تبنى التوحيد فقط في
أواخر عهد المملكة وليس على جبل سيناء."
أكذوبة هيكل سليمان:
ليس خافياً أن "الكيان الإسرائيلي" بني على أساطير وخرافات
تنسب إلى التوراة، يتم استغلالها لأهداف سياسية. وعلى رأس تلك المزاعم تأتي
"أكذوبة الهيكل".
بخصوص هيكل سليمان الذي تزعم سلطات الاحتلال الصهيوني أنه كان مبني في
مدينة القدس في مكان تواجد المسجد الأقصى. فإننا نجد تناقض واضح في روايات الأسفار
التي تحدثت عن الهيكل، وعن تحديد مكانه وهو ما يجعل الرواية الإسرائيلية عن الهيكل
بالكامل لا يمكن تصديقها، لأن ما ورد عنها في الأسفار من التناقضات والاختلافات لا
يمكن أن تكون وحيا سماويا صادقا. وحتى علماء اليهود وحاخاماتهم فقد اختلفوا بشكل
كبير في تحديد مكان الهيكل، وهذا أكبر على أن هيكل سليمان أكذوبة وأسطورة.
وفي القران الكريم لم يَرد ذِكرٌ لهيكل سليمان، فقط كانت الذكر لقصر سيدنا سليمان
(عليه السلام) المصنوع من القوارير عندما زارته الملكة سبأ، وانبهرت بجمال وإعجاز
القصر. قال تعالى: ﴿قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال
إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين﴾
[النمل: 44].
يقول الأستاذ منصور عبد الحكيم: ولقد أثبت علماء الآثار من اليهود والأوروبيين والأمريكان الذين نقبوا واشتغلوا بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف أنه لا يوجد أثر واحد لهيكل سليمان تحت الحرم القدسي، ولا تحت المسجد الأقصى، ولا تحت قبة الصخرة وشاركهم الرأي كثير من الباحثين اليهود والغربيين، مما دفع بعضهم إلى أن يقول إن الهيكل قصة خرافية ليس لها وجود.
المؤرخ الإسرائيلي شلومو زند -في حديث للجزيرة نت- بشأن ما قالته مازار، متهما الصهيونية وأذرعها بنسج أكاذيب وأساطير واستنساخ التاريخ، ومشككا في كل الروايات التلمودية المزعومة وليس فقط في رواية الهيكل. ويوضح المؤرخ زند -الذي وضع سلسلة كتب حول اختراع الشعب اليهودي و"أرض إسرائيل"- أن الهيكل لم يكن موجودا أصلا كي يهدم، وأن حائط البراق في القدس لم يكن يوما "حائط المبكى".
التعليقات على الموضوع